کد مطلب:355703 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:276

الارادة فی آیة التطهیر تکوینیة لا تشریعیة
أولا: إن الإرادة تنقسم إلی قسمین؛ الإرادة التكوینیة والإرادة التشریعیة، والإرادة التكوینیة هی إرادة الشخص صدور الفعل عنه بنفسه من دون تخلل إرادة غیره فی صدوره، كما فی إرادة الله تعالی خلق العالم وإیجاد الأرض والسماء، وكإرادة الإنسان الأكل والشرب، أما الإرادة التشریعیة فهی إرادة الشخص صدور الفعل عن غیره بإرادته واختیاره كإرادة الله عز وجل من عباده مثلا الصلاة والصوم بإرادتهم واختیارهم لا مجرد حصولها بدون تخلل إرادة منهم، والإرادة فی آیة التطهیر من القسم الأول (تكوینیة) فالآیة الكریمة مصدرة بأداة الحصر (إنما) وهی من أقوی أدوات الحصر فی اللغة العربیة، وتفید إثبات ما بعدها ونفی ما عداه.

یقول ابن منظور: ((ومعنی إنما إثبات لما یذكر بعدها ونفی ما سواه كقوله: وإنما یدافع عن أحسابهم أنا ومثلی، المعنی ما یدافع عن أحسابهم إلا أنا ومثلی)) [1] .

وعلی ضوء ذلك فالآیة تثبت إذهاب الرجس والتطهیر للمخاطبین



[ صفحه 53]



بها (أصحاب الكساء) وتكشف عن تحقق عصمتهم، ولو قلنا بأن الإرادة من القسم الثانی (التشریعیة) فیكون معنی الآیة، إنما شرعنا لكم - أهل البیت - الأحكام لنذهب عنكم الرجس ونطهركم تطهیرا، وهذا التفسیر للإرادة یتنافی مع الحصر المستفاد من لفظة (إنما) فمن المعلوم أن الغایة من تشریع الأحكام إذهاب الرجس عن جمیع المكلفین لا عن خصوص أهل البیت، ولا خصوصیة لهم فی تشریع الأحكام ولیست لهم أحكام مستقلة عن أحكام بقیة المكلفین لأنها إنشاء وطلبا للتطهیر وإذهاب الرجس من المخاطبین بها، وكما أن المراد مطلوب من أهل البیت فهو مطلوب ومراد من غیرهم من بقیة المكلفین، فیكون الحصر لغوا وحاشا لله أن یكون فی كلامه ما هو لغو، فهذا خیر شاهد علی أن الآیة لیست بصدد الإنشاء والطلب كما یدعی الشیخ الخمیس بل هو إخبار عن أمر خارجی متحقق، وهذا لا ینسجم إلا مع الإرادة التكوینیة.


[1] لسان العرب: 13/31.